في الماضي، لم يكن هناك أي طريقة لفحص الجنين أثناء الحمل ومنع ولادة الأطفال المصابين باضطرابات كروموسومية.
في العصر الحالي، مع ظهور الطرق الطبية والاختبارية الحديثة، يوصي الأطباء في هذا المجال، بما في ذلك أخصائيو الوراثة وأمراض النساء والتوليد وأطباء الأطفال حديثي الولادة، بإجراء فحوصات الموجات فوق الصوتية واختبارات الدم للكشف المبكر في الثلث الأول والثاني من الحمل ومراقبة الجنين بالطرق المطورة. على الرغم من كل هذه التطورات، فإن هذه الفحوصات لا تستطيع تشخيص جميع التشوهات الموجودة في الجنين بنسبة 100%.
نتيجة لذلك، في حالة إيجابية نتائج هذه الاختبارات (حوالي 5-10٪ من إجمالي السكان الذين تم فحصهم)، يتم إجراء فحص جيني للجنين باستخدام السائل الأمنيوسي. السائل الذي يحيط بالجنين أثناء الحمل يسمى السائل الأمنيوسي، وفي الحالات التي تظهر فيها هذه الاختبارات نتائج عالية المخاطر، فإن الفحص الجيني للجنين بجمع الخلايا الجنينية الموجودة في جزء من هذا السائل الأمنيوسي هو الحل المقترح، والذي يسمى بزل السلى.
برای انجام بزل السلى، يتم سحب السائل بواسطة أخصائي طب الأطفال حديثي الولادة، وبعد فصل الخلايا الجنينية الموجودة فيه واستخراج الحمض النووي منها، أو زراعة الخلايا، يتم فحص الاضطرابات الصبغية للجنين بالتحليل الجزيئي والمجهري.
ومع ذلك، فإن هذه الطريقة ليست خالية من المخاطر، وقد يؤدي إجراء بزل السلى إلى بعض المخاطر للأم أو الجنين، بما في ذلك الإجهاض (حوالي 0.5-1٪ من الحالات)، والنزيف، وتمزق كيس الماء، والتهاب الأغشية حول الجنين.
لحسن الحظ، يمكننا الآن الوصول إلى الحمض النووي الجيني للجنين بطريقة أقل خطورة بكثير، وقد حقق اختبار الحمض النووي الخلوي الجيني الخالي من الخلايا (NIPT) هذا الأمر. من عيوب أخرى فحوصات الكشف المبكر في الثلث الأول والثاني من الحمل، يمكن أن نذكر وجود العديد من النتائج السلبية الكاذبة في هذه الاختبارات، وهذا يعني أن العديد من النساء اللواتي يتم تقييم نتائج اختبارهن بأنها منخفضة المخاطر قد يلدون أطفالًا مصابين بمتلازمة داون أو اضطرابات كروموسومية أخرى.
اختبار ما قبل الولادة غير الجراحي (NIPT) هو اختبار يتم إجراؤه عن طريق سحب عينة بسيطة من دم الأم الحامل، بدءًا من الأسبوع العاشر من الحمل، لتحديد خطر إنجاب طفل مصاب ببعض الاضطرابات الصبغية مثل متلازمة داون (التثلث الصبغي 21) ومتلازمة إدوارد (التثلث الصبغي 18) ومتلازمة باتو (التثلث الصبغي 13)، وكذلك تحديد جنس الجنين. يعتمد هذا الاختبار على تحليل أجزاء صغيرة من الحمض النووي للجنين المتداولة في دم الأم الحامل. على عكس معظم الحمض النووي الموجود في نواة الخلية، فإن هذه الأجزاء لا توجد داخل الخلايا، بل تطفو حرة، ولذلك تسمى الحمض النووي الجيني الخالي من الخلايا (cffDNA).
تحتوي هذه الأجزاء عادة على أقل من 200 زوج قاعدي من الحمض النووي، وتنشأ عندما تموت الخلايا وتتحرر محتوياتها، بما في ذلك الحمض النووي، في مجرى الدم. ينتقل cffDNA من خلايا المشيمة إلى دم الأم وعادة ما يكون مطابقًا للحمض النووي للجنين. لذلك، فإن تحليل أجزاء cffDNA يوفر فرصة للكشف المبكر عن بعض الاضطرابات الصبغية دون الإضرار بالجنين.
من مزايا NIPT الأخرى أن هذا الاختبار لديه معدل إيجابي كاذب أقل بكثير مقارنة بالفحوصات المركبة للثلث الأول والثاني من الحمل. هذا يعني أن عددًا أقل من الحالات سيحتاجن إلى أخذ عينة من المشيمة أو السائل الأمنيوسي لتأكيد نتيجة عالية الخطورة، مما يقلل من تعرض الأمهات لخطر الإجهاض، لأن كلا من أخذ عينة من المشيمة وبزل السلى مرتبطان بخطر الإجهاض الثانوي لهذه الطريقة.
كما ذكرنا سابقًا، توجد كميات ضئيلة من الحمض النووي الجيني الخالي من الخلايا (cffDNA) في دم الأم الحامل أثناء الحمل. تتغير هذه الكمية خلال فترة الحمل، ولكنها تصل إلى ذروتها في نهاية الثلث الأول وبداية الثلث الثاني من الحمل، لذلك فإن أفضل وقت لإجراء اختبار NIPT هو بعد الأسبوع العاشر إلى الثاني عشر من الحمل، وبعد إجراء فحص بالموجات فوق الصوتية لقياس سمك النخاع الشوكي للجنين.
رغم ذلك، يمكن إجراء اختبار NIPT في أي مرحلة من مراحل الحمل بعد الأسبوع العاشر، خاصة إذا أظهرت صورة الموجات فوق الصوتية في الأسبوعين 18 و 20 ارتفاعًا في خطر الإصابة بالمتلازمة الثلاثية 21 أو 18 أو 13، وكانت هناك مخاوف أخرى.
لأن اختبار NIPT هو اختبار فحص وليس اختبار تشخيصي، فإن وجود خطر مرتفع أو تعدد الصبغيات للكروموسومات 21، 13، 18، X أو Y لا يعني بالضرورة أن الجنين يعاني من أحد هذه العيوب. بل هناك احتمال لوجود نتيجة إيجابية كاذبة لكل كروموسوم تم فحصه.
لذلك، ننصحكِ باستشارة طبيبكِ بشأن إجراء فحص بالموجات فوق الصوتية و إجراء اختبار تشخيصي عن طريق أخذ عينة من المشيمة أو السائل الأمنيوسي لتقييم أي تشوهات كروموسومية محتملة والتي قد تساعد في تشخيص المشكلة. وبعد تأكيد التشخيص النهائي، يمكنكِ اتخاذ قرار بشأن الحمل.
إذا أظهر اختبار NIPT نتيجة منخفضة المخاطر أو عدم وجود تعدد الصبغيات، فهذا يعني أن الجنين من غير المحتمل أن يعاني من مشكلة كروموسومية تتعلق بالكروموسومات 21، 13، 18، X أو Y. ولكن بما أن اختبار NIPT لا يكشف عن جميع حالات التشوهات الكروموسومية (100%).
لذلك، حتى إذا كانت نتائج اختبار NIPT مطمئنة، فإن الطبيب قد يقترح إجراء اختبارات إضافية مثل السائل الأمنيوسي إذا أظهر فحص الموجات فوق الصوتية للجنين تشوهات خلقية أو سمات أخرى مثيرة للقلق.
يوضح الجدول التالي حساسية وتخصيص فحص اضطرابات كل من هذه الكروموسومات في اختبار NIPT. ومن الجدير بالذكر أن اختبارات الحذف الصغير التي تشمل 11.2 q22 (متلازمة دي جورج)، ومتلازمة أنجلمن، ومتلازمة برادر ويلي، ومتلازمة كريه دو شات أصبحت متاحة أيضًا مع بعض أشكال اختبار NIPT.